عني ولحظات الشتات 5

من محطات الهزيمة


في البداية، وعني، حين أُصرح بشيء ما يؤثر في فهذا يعني أنه لم يعد يفعل، كأن تصرح لصديق أوجعك بأنك كنت تنتظر منه وردة قُرمزية اللون، فهي علي بساطتها تُسعدك، فيأتيك بها اليوم التالي، فتشكره غير سعيد ولا مُشرق القلب، فهو آتي بها لأنك تريدها، لا لأنه آرتأي أنك تستحقها، فـ ذهبت بهجتها وضلت طريقها إلي قلبك، هذا هو ما قصدته أنا، حين أُصرح بالشيء يفقد معناه تماما عندي.


شُكرًا، اعتقد شخصيا أن شُكر الإنسان علي شيء يستحق ذلك هو واجب إنساني يتوجب عليّ فعله كلما ارتأيت ذلك مُستحقا، أُلوح كثيرا بالشكر للعديدين - أغلبهم مما لا أعرفهم- إن قرأت كتابا اعتقدُ أن صاحبه يستحق الشكر، أُرسل له علي الفور أخبره بأنني شاكر له ما كتب ومحدثا إياه عن تأثيره عليّ، إن استطاع سائق ما أن يُمتعني أثناء انتقالي من مكان إلي أخر، بقيادة محترفة ربما، بصوت أم كلثوم من راديو عتيق، بأي شيء، يتوجب علي أن أشكره قبل أن أمضي، هو يستحق ذلك، في الحقيقة أشكر أي موظف بأي مصلحة حكومية يتبسم في وجهي، كُنتُ أفعل، وكانوا يفعلون.
حاليا، لم أعد أفعل، أدين برسالة شكر واحدة فقط، سأتمها حين يكتُب الرب لها ذلك، أما الآن فقد توقفت، لسببين، أولهم أن البشر من حولي لا يعون معني الشكر، ولا يستطيعون توجيهه، ولا يحملون تقديرا لمن يستحق، لذا، توقفت عنه، معنويا فقط، أنا فعليا، فسأظل أردده بحكم العادة فقط ليس إلا، كـ شخص يجيب علي تسائل صديقه حين يسأله هل سيخبر أهله بحقيقة كٌفره بكل الأديان، فيجيبه دون تردد: " أه إن شاء الله" ، هكذا، وهكذا فقط !


كان علي المكاوي سعيد أن يبدأ روايته بهامش يقول فيه : مصطفي - بطل الرواية - من مواليد النصف الأول من شهر سبتمبر-أيلول، ولا أمانع إن أضاف الأسود.


يَغمرني الكلام، يخيرني إما أن أطلقه إلي الأبد، فيُصيب من يُصيب بالوجع، حتى وإن كان سيصيب من لا يؤثر فيهم الوجع، أو، أن يتحول لدموع سوداء تُسجن داخلي إلي الأبد ولا أملك من أمرها شيئا، فأختار الأخيرة مقنعا نفسي -كاذبا- أنني أملك حقا حق الاختيار.


إلي كل التعساء الذين يحاولون فِهمي، ستبوء المحاولات بالفشل، أنا عصي علي الفهم بالأساس، وأنا أُزيد من حولي العوائق المعقدة لتبقي علي المسافة بيني وبين البشر.


أقف علي قمة إفرست، أنظر للجميع يتناثرون في العالم هنا وهناك، أدقق النظر فيهم واحدا واحدا كأنني الرب يوم الحساب، أغمض عينيّ لوهلة لأمنع دمعة لم تتعلم أدب الاستئذان، وأتسائل ذاهلا، لم العالم علي كل ضوضاءه، وأضواءه، وكائناته، خالي كأن لا أحد!


منذ عام وربع العام تقريبا بدأت علاقاتي البشرية مع الآخرين بالتهاوي، لا استطيع ان أتوقف عن اللوم، لمن؟! لا يهم.
الجملة الأخيرة إهداء إلي الكلام الذي لا يقال.

إلي حبيبتي

إلي حبيبتي المستحيلة، ربما، المجهولة، حتما ...
رجاء، كوني سعيدة، تلك السعادة الأبدية التي تزين مُحياكِ، لكاتبي المفضل جملة يقول فيها "شقائنا معا، الذي محا سعادتنا معا" لذا فـ علي أحدنا أن يكون سعيدا علي الأقل، ولذا وجبت عليكِ السعادة، لأنني أنا الشقي بالسليقة، فـ لأجلك -أولا- ولأجلنا، ولأجلي أخيرا، كوني سعيدة، فـ كونك سعيدة سيجعلني تلقائيا مريض بها، أو ربما معافي بها، أيهما ترينه أكثر ملائمة، وأعدك سيدتي أن أواظب علي السعادة متي استقامت علي شفتيك ابتسامة، وأنا كما أخبرتي صديقتي الأثيرة والأقرب إلي وتر القلب " لايق عليك الإنبساط يا فتى "، وصديقتي هذه واحدة ممن لا تستقيم الحياة بدونهم، إن كنت أنا معبدا فـ سيكون له أعمدةٌ خمس، وستكونين أنتي سقفه، أما هي فأحد تلك الأعمدة، أما الأربعة الأخرون فـ ستعرفينهم وحدك، متابعة قصيرة لحياتي الإلكترونية ستجعَلُكِ تتعرفين علي أثنين منهم علي الأقل، والأخيران يستلزم بعض التضحية والتفتيش في القلب لتعرفي عنهم، حسنا، سيلزمك أيضا التعرف علي أمي، ليست أمي التي انجبتني بالتأكيد، لكنها أخري إن كانت الألهة بالانتخاب، لأعطيتها صوتي لتصبح إلهه أبدية، دون فقرة محددة في دستور الألهة تحظر عليهم المكوث أكثر من مدتين متتاليتن، وإن وجدت فـ لها أن تُستَثنى، سترينها تذكرني دوما حين أري السواد يغمرني في عيون الجميع بأنني " رائع..وبهّي , تماما كما دفقة شجن ووخزة حنين " ليضيء وجهي مرتين، أولهما لتفضلها علي بـ غزير كرمها مما قد لا استحقه، وأخري لأن الكلام يلامس روحي فتُشرق فـ أشرق.
توقفنا عند السعادة، رجائي الذي لا يجوز لكي أن ترديني عنه خائبا، شيء أخير لتعرفيه عني، مجنون أنا، وإني لأظن أن الأصل في الحياة الجنون، فـ المرؤ منا يولد مجنونا فـ يأخذ أبويه علي عاتقيهم مهمة إعادته إلي الحظيرة، فقد يستجيب، وقد ينزع لجامه كما فرس جامح، وكوني أخترت الأخير، فـ وجب عليّ من أمانة الضمير - أو ما تبقي منه - أن أخبركِ، وللأمانة أيضا، فـ أنا أفضلك مثلي، متعافيةً من داء العقل، مؤمنة بالجنون.
هذا إلي الآن، وحين نلتقي ذكريني أن أُخبركِ سرًا لم يطلع عليه أحدٌ من العالمين.
عظيم محبتي

قلب!

-محتاج تعمل اشاعة ع القلب.
-انت حبيت قبل كدا؟
-التحليل مش مطمني.
-بس الحب مختلف اعتقد.
-وعضلة القلب فيها مشاكل.
-انا كان قلبي بيوجعني لما مكنتش بحب.
-امشي كتير الفترة دي.
-ولما كنت بحبه بردو.
-وما تعملش اي مجهود بدني.
-وكنت بقعد كتير ع الكورنيش لوحدي.
-وبلاش كمان تلعب كورة.
-انت بتحب الكورنيش؟
-وتاخد الدوا دا بانتظام مرتين في اليوم.
-هو انت بتحبني؟
-انت عندك ربو!
-اصل انا حاسه إني بحبك.
-خلاص بلاش الدوا دا.
-هو ازاي اعرف اني بحبك بجد ولا لأ؟
-انت ساكت ليه؟
-انت ساكت ليه؟

:)

لا تفزع حين يتركونك وحيدا هناك، فقط اقرأهم السلام، وابعث معهم مكتوب هوى إلي قريتك البعيدة، وأكسر جوزة الهند الساقطة بجوارك، وخذ من عصيرها مدادا، واختر لنفسك اسما، واكتبه علي أكبر الصخور من حوالك، ثم خط علي ذات الصخرة اسما للسحاب، لا ليس السحاب، ستختر له اسما اخر، وللسماء أيضا، وستطلق علي الأرض التراب، وإنفض عنك الحياة، وتخفف من ملابسك حتى تلامس عورتك الرياح، ستظل الرياح علي اسمها، وكذا سيظل النخيل، وستظل تبحث عن إله، سيفنيك البحث، حتى تتوقف قانعا بأنا لا أله ها هنا، أو أن الرب لم تشمل سيطرته تلك الجزيرة النائية، وحين أن تستكشف منها ما استعصي عليك، ستجد كهفا هو جديدٌ عليك، ستجد فيه نايا لم تعرف يوما كيف تعزف عليه، ستشدو به مرغما كأنه يستجديك أو كأنك تستبقيه، ستتشبث به كأنك تتشبث بالحياة، حينها ستجلو عنك الحياة، وسيتركك الجسد متوحدا مع التراب، وستبقي روحك فقط مع أنغام الناي، يتوحدان ليقودك الناي نحو الرب الذي فشلت كثيرا في البحث عنه :)