لا أدري بالتحديد لماذا ندمن نحن البشر انتصارات وهمية نرضي بها غرورنا، نعتقد بها أحيانا أننا ننتصر للعلي القدير في السماء، أو لقانون وهمي اصطلحنا عليه، أو لتابوه مقدس صنعناه.
لا أدري حقا لماذا نتوهم الانتصار ولا ننتصر حقا، ننتصر علي الأخرين فقط لنثبت لأنفسنا أننا قادرون علي الانتصار،حتى نتوهم أن طعم الهزيمة لم يعد هو الوحيد الباقي بيننا، نتوهم الأخر أحيانا عدوا، وأحيانا أخري كثيرة نصنع الأخر ثم نلبسه رداء الأعداء، نصنعه لنتغلب عليه، نضفي عليه ما نراه من مساويء الأمور والأخلاق والطباع، ثم نغذيه ليكبر سريعا، ثم نبدأ وقائع هزيمة ما صنعه وهمنا، نجادل ونناقش ونطيل أمد المعركة الوهمية ضد الأخر .. العظيم .. القوي .. المبهر .. السيء .. والوهمي أيضا، نصنع محطات انتظار لمعركتنا العظمي، ننتصر فيها جميعا ثم نسقط وحشنا بالقاضية، فننتشي ويملؤنا الفخر ونتحاكي بالانتصار،وندعو الأخرين لنخب النصر، وننسي كل الهزائم وننسي طعم العلقم الذي لا يغادرنا ليل نهار، ننتشي بالوهم، نغيب عن الواقع غارقين في قضيتنا الوهمية، مستمتعين بنصرنا الزائف، ولا نبرح نوجد الأوهام والانتصارات، ونهرب لها من كل هزائم الواقع التى تحيط بنا من كل طريق، أينما ذهبنا، حيثما حللنا، كيفما فعلنا ... طعم الهزيمة يحيط بنا كما حجر رحا يطحن قمحا ... ونحن قمحه.
*ويقول قائلهم بأنا قد اشتقنا نصرا ... فسمينا الهزيمة الانتصار
-----
إهداء
إلي كل الأخر الوهمي في حياتنا، إلي الجزائر الوهم الأخير الذي صنعناه، إلي كل أخر يصنعه كل منا داخله ... إلي المهزومين في كل مكان .
-----
من وحي موقف تعرضت له في مترو الانفاق وكُتِبت حينها
-----
* من قصيدة هيبة العرش الخلي من الملوك للشاعر تميم البرغوثي
0 comments:
Post a Comment